الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة
.مسألة يتخذ على غريمه يمينا بطلاق امرأته البتة ليقضينه حقه رأس الهلال أو يرهنه داره: قال محمد بن رشد: قد مضت هذه المسألة متكررة والقول فيها في سماع أبي زيد من كتاب النذور والمعنى فيها بين وبالله التوفيق. .كتاب الأيمان بالطلاق الثالث: .مسألة شجر بينه وبين أختانه أمر فقالوا طلق أختنا فقال إن ارتحلت عني اليوم فهي طالق: فقال: إن علم ذلك وشهد على ما قالت، أو ادعته بالشهود فلا طلاق عليه. .مسألة قال إن ارتحلت عني امرأتي فهي طالق: قال محمد بن رشد: ولا يلزم ابن القاسم ما ألزمه سحنون لأن المسألتين مفترقتان لأن هذا الذي كذب له، وقد أخطأ على نفسه في تطليق زوجته فلا عذر له في الخطأ على نفسه في ذلك الذي قال إن ارتحلت عني امرأتي فهي طالق قيل إن الطلاق يقع عليه بمجرد الارتحال دون مراعاة المعنى الذي يظهر من قصد الحالف، وإليه ذهب سحنون على معنى قول مالك في مسألة رسم البز من سماعه، وقيل إن الطلاق لا يقع عليها إذا لم ترتحل على الوجه الذي أراد وإلى هذا ذهب ابن القاسم وبالله التوفيق. .مسألة قال امرأته طالق إن كان شرب مسكرا: فقال: ينوي في ذلك ويكون القول قوله، ولو قال امرأته طالق إن كان شرب مسكرا فقد جمع كل شيء، فإن شهد عليها أنها رائحة مسكر فقد لزمه. قال محمد بن رشد: قوله إنه ينوي في ذلك ويكون القول قوله مع قيام البينة عليه هو مثل ما في رسم البز من سماع ابن القاسم من كتاب الحدود خلاف قول ابن القاسم في رسم يسلف من سماع عيسى من كتاب النذور لأنه قال هناك إنه لا ينوي إلا إذا أتى مستفتيا، وقد مضى القول على المسألة هنالك مستوفى فأغنى ذلك عن إعادته هنا. .مسألة حلف بطلاق امرأته البتة إن كان بغاه عند رجل: قال محمد بن رشد: المسألة صحيحة، والحجة فيها ما ذكر من أنه لا يتهم الشاهد في شهادته أنه بغاه عندي إذ ليس في ذلك وجه يظهر من وجوه التهمة التي تبطل به الشهادة، وأما قياسه إياها على المسألة التي ساقها عليها فليس بقياس صحيح؛ لأنها هي المسألة بعينها، ولا يقاس الشيء على نفسه، وإنما يقاس على غيره بمعنى يجمع بينهما في وجوب الحكم وانتفائه، وهو ظاهر لا يخفى وضوحه وبالله التوفيق. .مسألة حلف غريما له بطلاق امرأته أن يقضيه إلى أجل: فقال: إن كان من أهل الصدق وممن لا يتهم حلف مع شهادة صاحب الحق وحبس امرأته، وإن كان من أهل التهم لم يقبل ذلك منه حتى يأتي بشهيدين أنه قد قضاه، قال سحنون وروى ابن حبيب عن مالك أنه قال: إنما هذا إذا لم تكن على أصل يمينه بينة إلا إقرار منه بأنه حلف بطلاق امرأته أن يقضيه فقد قضاه ويقر له رب الحق، مثل ما يقول حلفت بالطلاق لأضربن فلانا فقد ضربته، أو لأعطين فلانا كذا وكذا فقد أعطيته، فالقول قوله في هذا كله بلا بينة إذا لم تكن على أصل بينة فيكون عليه الخروج بالبينة، وقاله أصبغ. قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة قد مضى القول فيها مستوفى في أول رسم من سماع ابن القاسم فلا معنى لإعادته هنا وبالله التوفيق. .مسألة حلف لامرأته بطلاقها إن خرجت من داره فأتاها سيل: قال محمد بن رشد: قوله ون تحول بها إلى دار غيرها معناه أن يتحول بها إلى دار غيرها حين أخرجها السيل عنها أو صاحب الدار بانقضاء أمد الكراء، وقد مضى هذا في رسم الطلاق الثاني من سماع أشهب، وأما لو تحول بها باختياره يحنث بذلك خلاف ما ذهب إليه ابن دحون، وقد مضى القول على ذلك في رسم إن خرجت فلا معنى لإعادته وبالله التوفيق. .مسألة حلف بطلاقها ألا يغرم في خياطة ثيابها شيئا: قال: لا بأس أن يفتكها أخوه أو غيره ولا يفتكها هو لنفسه ولا لبيع إلا أن تكون نيته أراد ألا يفتكها لها. قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال لأن اليمين يجب أن تحمل على ما يقتضيه عموم اللفظ من ألا يفتكها لنفسه ولا لها ولا أحد سواهما ولا لوجه من الوجوه إلا أن تكون له نية أنه أراد ألا يفتكها لها فتكون له نيته يريد ويصدق فيها مع يمينه وإن كانت عليه بينة لأنها نية محتملة لا تبعد بل تشبه، وأما افتكاك غيره للثياب من ماله للزوجة أو له فلا إشكال في أنه لا حنث عليه في ذلك لأنه لم يحلف إلا على ألا يفتكها هو وبالله التوفيق. .مسألة له على رجل عشرة دنانير قائمة فتقاضاه فقال ليس لك عندي إلا دنانير: فقال: إن كان حلف ألا ينقصه فليأخذ ما قضى له به ولا ينقص له من حقه شيئا ولا يضع عنه منه شيئا، والله بينه وبينه، وإن كان أراد أن لا يأخذ منه إلا عشرة قائمة فلا يأخذ منه إلا عشرة قائمة. قال محمد بن رشد: قوله وإن كان حلف ألا ينقصه يريد إن كان نوى إلا ينقصه باختياره شيئا من القائمة فليأخذ ما قضى له به ولا ينقص له من ذلك شيئا ولا يضع عنه منه شيئا، وقوله وإن كان أراد ألا يأخذ منه إلا عشرة قائمة يريد أو لم تكن له نية فلا يأخذ منه إلا عشرة قائمة، فإن لم يقض له عليه إلا بدنانير خروبة خروبة حنث إن أخذها إلا أن يحكم عليه بأخذها بسؤال الغريم ذلك، فيجري ذلك على الاختلاف فمن حلف ألا يفعل فعلا فقضي عليه به، وقد مضى ذلك في رسم سلعة سماها ورسم حلف من سماع ابن القاسم، وفي آخر سماع أشهب وبالله التوفيق. .مسألة عليه حق لرجل فاتخذ عليه طلاق امرأته البتة أن يؤديه لأجل سماه: قال: لا يخرجه قضاؤه من يمينه إلا أن يكون أمره بذلك، قال: ولو كان لصاحب الحق مثل هذا الوكيل الذي وصفنا فغاب المحلوف له عند الأجل فقضى الحالف وكيله هذا كاف مخرجا من يمينه. قال محمد بن رشد: إنما قال إن الحالف لا يبرأ إذا قضى عنه وكيله على البيع والابتياع والقيام بجميع حوائجه، من أجل أنه ليس بوكيل له على أن يقبض عنه، فهو في ذلك كالأجنبي، ولو كان وكيل له مفوض إليه أو على أن يقبض عنه ديونه فيبر إذا قضى عنه بغير علمه، وقد مضى هذا المعنى في رسم بع ولا نقصان عليك من سماع عيسى من كتاب النذور، وسيأتي في سماع سحنون إذا قضى عنه السلطان من ماله، وقوله ولو كان لصاحب الحق مثل هذا الوكيل الذي وصفنا فغاب المحلوف له عند الأجل فقضى الحالف وكيله هذا كان مخرجا من يمينه، يريد ويبر الحالف بذلك من الدين الذي عليه لأنه وكيل يتقاضى فيبرأ الحالف من الدين الذي عليه بدفعه إليه، فدليل هذه الرواية أنه لا يبر في اليمين إلا بدفعه إلى وكيل إليه القبض فيبرأ من الدين بالدفع إليه خلاف ما في العشرة لابن القاسم أنه إذا دفع إلى وكيل له في ضيعته بر في اليمين، ولم يبرأ من الحق، وهو معنى ما في المدونة، وظاهر ما فيها أن ذلك يكون مخرجا له من يمينه، وإن كان يصل إلى السلطان، وكان القياس إذا لم يبرأ بذلك من الحق إلا أن يكون مخرجا له من يمينه إلا أن لا يصل إلى السلطان الذي يبرأ بالدفع إليه من الدين الذي عليه، وإلى هذا ذهب ابن لبابة، وساق ذلك على معنى ما في المدونة وأن يكون إذا أحضر الذهب وأتى به وأشهد على إتيانه به مخرجا له من الحنث، وإن لم يدفعه إلى هذا الوكيل الذي لا يبرأ بالدفع إليه كما يكون ذلك مخرجا له من الحنث مع العدول إذا لم يكن له وكيل ولا وصل إلى السلطان وبالله التوفيق. .مسألة يكون تحته أربع نسوة فيحلف بالطلاق البتة إلا يحلف بالطلاق فيطلق واحدة: قال لا حنث عليه لأنه لم يحلف. قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن من طلق لم يحلف بطلاق، ولو حلف بطلاق البتة إلا يطلق فحلف بالطلاق وحنث لحنث؛ لأن من حلف بالطلاق وحنث فقد طلق، وقد مضى بيان هذا في رسم يوصي قبل هذا وبالله التوفيق. .مسألة قال لامرأته أنت علي كظهر أمي وهو يريد الطلاق: قال ابن القاسم: من قال لامرأته: أنت علي كظهر أمي وهو يريد الطلاق فهي ثلاث ولا ينوى لا تنفعه نيته إن نواها واحدة أو اثنتين. قال محمد بن رشد: في كتاب ابن سحنون عن أبيه أن له ما نوى من الطلاق، وقد مضى تحصيل القول في هذه المسألة في رسم سن من سماع ابن القاسم من كتاب الظهار فيستغنى بذلك عن إعادته هنا وبالله التوفيق. .مسألة نازعت زوجها فقالت له والله لأسيلن الخرق على ساقيك فقال لها أنت طالق: وسئل عن امرأة نازعت زوجها فقالت له: والله لأسيلن الخرق على ساقيك، فقال لها: أنت طالق لتعلمن من يفعل ذلك بي. قال ابن القاسم أخاف أن يكون قد حنث حين قال لتعلمن من يفعل ذلك بي إنما هو من قال لتعلمن من ذا الذي يفعله بي من هو؟ حتى يسيل عن ساقي ما قلت.. قال محمد بن رشد: المقصد المعلوم من إرادة المرأة، بهذا القول إنما هو ليفعلن به أشد ما يكون من النكال وأقبحه لا حقيقة ما ذكرت؛ إذ قد علم أنها لا تملك ذلك ولا هو داخل تحت استطاعتها، ويمين الزوج خرجت جوابا لها على ذلك بمعنى أنك لتعلمين أن الذي يقدر على أن يبلغ ذلك مني معدوم غير موجود لمنزلتي ومكانتي ومهابتي وقدرتي على الدفاع عن نفسي، فلذلك خشي ابن القاسم عليه الحنث فيما بينه وبين الله، وأما الحكم عليه بالطلاق فلا يصح إلا أن يقر على نفسه أنه أراد بكلامه ما يوجب الحنث عليه والله أعلم. .مسألة حلف بالطلاق ليقضين رجلا حقه إلى أجل فحبس الحالف في السجن: وسئل عن رجل حلف بالطلاق ليقضين رجلا حقه إلى أجل فحبس الحالف في السجن، فأرسل إلى صاحبه أن يجيئه فأبى أن يجيئه، قال يقضي السلطان ويدع ذلك يرتكص ولا حنث عليه. قال محمد بن رشد: قوله يقضي السلطان معناه يوكل من السجن من يقضي السلطان ويكون ذلك مخرجا له من يمينه، وإنما يصح ذلك إن كان المحلوف له قد غاب عن البلد، وأما إن كان حاضرا فالسلطان يحضره ويجبره على قبض حقه إلا أن يكون مما لا يجبر على قبضه كعارية غاب عليها فتلفت عنه وما أشبه ذلك فيبرأ من يمينه على دفع ذلك إليه بدفعه إلى السلطان وبالله التوفيق. .مسألة اشترى لامرأته ثوبا بدينار فسخطته فقال لها أنت طالق إن رددته: قال هو سواء بدا له أو أبى أن يقيله ليس يلزمه من يمينه شيء حتى يقيله، ومثلها لي قال: أرأيت لو كان قال: امرأته طالق إن لم ترده فذهب به ولم يقبله البائع أليس قد حنث؟ فهذا يعلم أن الرد إنما هو القبض له من البائع، قلت فلو كان بائع الثوب اتخذ عليه طلاق امرأته حين باعه ألا يرده عليه، فأتى به ليرده فلم يقبله منه؟ قال، هذا حانث قبله أو لم يقبله؛ لأنه إنما كره البائع شغبه ورده، فإذا رده فهو حانث، فهذه الوجوه تختلف، وإنما تحمل على ما كان قبلها على شبهها ومساقها. قال محمد بن رشد: أما إذا كان البائع هو الذي استحلف المشتري ألا يرده عليه فلا اختلاف في أنه يحنث بقيامه إياه عليه في الرد قبله أو لم يقبله قضي له عليه برده أو لم يقض له بذلك، وأما إذا لم يسأل ذلك البائع وإنما حلف إلا يرده لشيء جرى له مع غيره فقال هاهنا: إنه لا يحنث إلا بقبول البائع له أورده إياه عليه بالحكم، ومثله حكى ابن حبيب في الواضحة عن أصبغ وروايته عن ابن القاسم وحكى عن أصبغ أيضا في موضع آخر أنه إذا رده فقد لزمته اليمين قبله البائع أو لم يقبله، قال عبد الملك: وهذا بين عندنا، وأما إذا حلف ليردنه فلا اختلاف في أنه لا يبر إلا بقبول البائع له أو الحكم بذلك عليه؛ لأن البر لا يكون إلا بأكمل الوجوه وبالله التوفيق. .مسألة يقول لامرأته إن لم أتزوج عليك فأنت طالق فتزوج أخته جاهلا بها: قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال؛ لأن نكاح أخته لا يحل له المقام عليه، فلا يبريه إذ لا يبر إلا بنكاح لو شاء أن يقيم عليه أقام من أجل أن البر لا يكون إلا بأكمل الوجوه، وكذلك لو تزوج تزويجا حراما يفسخ قبل الدخول وبعده، كالذي يحلف ليشترين سلعة فيشتريها شراء فاسدا فيعثر عليه قبل أن يفوت فيفسخ البيع في الذي اشترى أباه أحرى ألا يبر بشرائه إذ لا يقع عليه ملك وبالله التوفيق. .مسألة أراد أن يتزوج امرأة فقالت له أمه إنها أختك من الرضاعة قد أرضعتها: فقال: أرى أن تطلق امرأته التي تحته ولا يتزوجها، فإن اجترأ وتزوجها لم يقض عليه بطلاقها لأنه لا يكون في الرضاع إلا امرأتان. قال محمد بن رشد: المسألتان مفترقتان بأن الأولى لها بساط فينوى بها مع قيام البينة، والثانية لا بساط لها فلا ينوى فيها إلا إذا جاء مستفتيا. وبالله التوفيق. .مسألة حلف بالطلاق ألا يستعير من رجل سماه شيئا فاستعار من امرأته: وقال في رجل حلف بالطلاق ألا يستعير من رجل سماه شيئا فاستعار من امرأته، هل تراه حانثا؟. قال: إن كان استعار من امرأته مالا من مالها فلا شيء عليه، وإن استعار منها مالا لزوجها فأعارته فهو حانث. قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة أنه حمل يمينه على أنه إنما كره الانتفاع بشيء من ماله إما لخبث أصله وإما لأن لا يكون عليه بذلك منة، فلذلك قال إنه يحنث إن كان استعار منها، ما هو لزوجها فأعارته ولو كان لم يحلف إلا من أجل أنه كره أن يرده، لا لما سوى ذلك لما كان عليه حنث في استعارته من امرأته ما هو من مالها أو ماله، والله أعلم. .مسألة أتاه يستسلفه دراهم فقال امرأته طالق إن كان في تابوتي دنانير: فقال لا شيء عليه ولا يحنث. وكذلك لو أراد أن يقول امرأته طالق إن لم يكن كلم عبد الله بن عبد الرحمن أمس أو لقيه، فأخطأ فقال امرأته طالق إن لم يكن لقي عبد الرحمن بن عبد الله أمس وكلمه فهذا لا شيء عليه. قال محمد بن رشد: المسألتان مفترقتان بأن الأولى لها بساط فينوى بها مع قيام البينة، والثانية لا بساط لها فلا ينوى فيها إلا إذا جاء مستفتيا. وبالله التوفيق. .مسألة قال إن صليت ركعتين فامرأتي طالق فصلى ركعة وانصرف: قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن الحنث وقع عليه بالشروع في الصلاة والصيام، فتركه التمادي على ذلك لا يسقط عنه ما قد لزمه من الطلاق، وقوله ولا ينوى معناه مع قيام البينة، وأما لو أتى مستفتيا وقال إنما نويت أنها طالق إن أتممت ركعتين أو صوم النهار وعلى ذلك عقدت يميني فكانت له نيته فيما بينه وبين ربه إن كان صادقا وبالله التوفيق. .مسألة حلف ألا يكلم رجلا فكاتبه ثم رد الكتاب قبل أن يصل إليه فخرقه: قال محمد بن رشد: لا اختلاف في أنه إن رد الكتاب قبل أن يصل إليه لا يحنث إذ لا يحنث الحالف إلا بقراءة المحلوف عليه كتابه لا بوصوله إليه، ولو وصل إليه فأخذه وأمسكه ولم يقرأه لم يحنث الحالف إلا أن يكون معنونا فإنه يحنث بقراءة العنوان، وقوله في المدونة عقب هذه المسألة وهو آخر قوله لا يعود عليها، إذ لا اختلاف فيها، وإنما يعود على المسألة التي قبلها، سواء كتبه مجمعا على إرساله أو غير مجمع على ذلك، بخلاف المسألة التي تأتي بعدها في كتاب الرجل إلى امرأته بالطلاق وبالله التوفيق. .مسألة كتب بطلاق امرأته ثم بدا له فحبس الكتاب: قال: إن كتبه مجمعا على الطلاق فقد حنث حبسه أو لم يحبسه وإن كان إنما كتبه ليتخير فيه وينظر ويستشير فإن رأى أن يمضيه أمضاه، وإن رأى أن يحبسه حبسه فلا شيء عليه إذا حبسه، قال ابن القاسم: وإن أخرجه من يده فهو حانث وإن رده وأدركه قبل أن ينتهي لم ينفعه، قال ابن وهب مثل ذلك كله، وقد قال: هو حانث إلا أن يكون حين أخرج الكتاب من يده إلى الرسول غير عازم فله أن يرده إن أحب ما لم يبلغها. قال محمد بن رشد: الرجل في كتابه إلى امرأته بالطلاق محمول على الإجماع إذا لم تكن له نية، فإذا كتب الرجل إلى امرأته بالطلاق فليس له أن يحبس الكتاب إلا أن يكون كتبه على أن يستشير وينظر فإذا أخرج الكتاب من يده وهو مجمع على الطلاق أو وهو لا نية له فليس له أن يرده، وأما إن كان أخرجه من يده على أن يرده إن أحب فقيل: له أن يرده، وقيل ليس له أن يرده على ما ذكر هاهنا من الاختلاف في ذلك، وقد مضى تحصيل القول في هذه المسألة في سماع أشهب من كتاب طلاق السنة وفي سماع أصبغ من كتاب التخيير والتمليك فلا معنى لإعادة ذلك هنا وبالله التوفيق. .مسألة حلف بطلاق امرأته ألا يدخل بيت فلان فيدخل داره ولم يدخل البيت: وعن رجل حلف بطلاق امرأته ألا يدخل بيت فلان فيدخل داره ولم يدخل البيت أنه إن كانت الدار لا تدخل إلا بإذن ولو سرق منها شيء قطع سارقه فإني أرى إذا دخل فقد حنث، وإما إن كانت دارا جامعة لناس شتى تدخل بغير إذن ولو كان سرق منها شيء لم يقطع سارقه إنما هي كالطريق فلا أراه حنث، قال ابن القاسم: لا شيء عليه إلا أن يكون نوى الدار إلا أن يكون قال منزله، فإن الدار هي المنزل إلا أن تكون دارا مشتركة فيكون هذا التفسير فيها. قال محمد بن رشد: مالك هو المسئول المجيب، وقوله أظهر من قول ابن القاسم؛ لأنه على المشهور في المذهب من اعتبار المعاني في الأيمان وترك الاقتصار على مجرد الألفاظ؛ لأن الحالف ألا يدخل بيت رجل إنما يريد ألا يدخل مسكنه، ومسكنه هي داره التي ينفرد بسكناها ولا يشاركه أحد فيها حتى يجب القطع على من سرق منها كما يجب على من سرق من بيته الذي يبيت فيه، وعلى هذا يأتي قوله في مسألة التغيب من آخر سماع أشهب، وأما ابن القاسم فراعى لفظ البيت وحمل يمين الحالف عليه فلم ير عليه في دخوله داره حنثا ما لم يدخل بيتا مبيته، وإنما يحنث عنده بدخول الدار إذا حلف على ألا يدخل منزله إلا أن تكون دارا مشتركة فلا يحنث إلا بدخول ما لم يشاركه أحد فيه وهو شاذ في المذهب، وسيأتي من قوله في سماع أبي زيد خلاف قوله هنا مثل قول مالك والمشهور في المذهب والله أعلم.
|